هاربة من الناس-الجزء الأول
عندما تتأزم الأمور يلجأ الانسان للحل السهل وهو الهروب من المشكلة ولكنه يكتشف في النهاية أن الهروب يزيد المشكلة ولا يحلها
الهروب أسهل الحلول ولكنه ليس حلا
أثناء جلوس احمد كعادته
يوم عطلته الأسبوعية وقت الغروب عند شاطيء البحر أمام الشاليه الذي تمتلكه عائلته
وهذه عادته التي اعتاد عليها منذ سنوات بحكم طبعه الهاديء ونفسه الميالة الي
العزلة وحب الانفراد بالنفس والتأمل .
فجأة لاحظ أحمد اقتراب
فتاة من الشاطيء لم يعرها اهتماما في باديء الأمر ولكن ترددها وهي تقترب من
الشاطيء جعله ينظر اليها بتمعن خاصتا عندما أقتربت اكثر من المياه وفجأة وجدها
تلقي نفسها في المياه بملابسها وتستسلم للأمواج التي أخذت تتقاذفها في كل اتجاه
................................................................
الهاربة – صلاح زكي
لم يتردد أحمد في
الاسراع اليها وقذف نفسه في المياه خلفها وأخذ يسارع الأمواج حتي استطاع اخراجها
وهي تعاني من ضيق في التنفس فانتبه لها وهي تقول ببكاء حار : اتركني أنا ملعونة
مكتوب عليه أكون وحيدة طول العمر ,لازم أموت وارتاح واريح الناس مني.
ثم فجأة سقطت في غيبوبة
عميقة فحملها احمد الي الشاليه وهو يلاحظ بطأ تنفسها.
................................................................
مأساة فتاة
أثناء سير مها في طريق
مظلم تفاجأ بامرأة سوداء ترتدي جلباب أسود مما جعلها تبدو هي والجلباب كقطعة
واحدة مما جعل مها تسألها عندما وقفت
امامها تسد الطريق عليها : انتي مين
المرأة : أنا قدرك
مها :مش فاهمة
المرأة : انتي ملعونة ,عارفة
يعني ايه ملعونة
فتنظر اليها مها بخوف
واستغراب قائلة : مش فاهمة قصدك ايه.
فتبتسم المرأة لتظهر
أسنانها الصفراء التي تحطم أكثر من نصفها قائلة: انتي ملعونة ومكتوب عليكي تعيشي
وحيدة طول عمرك ,كل انسان يقرب منك لازم تحصله مصيبة وتنتهي حياته بكارثة ,مكتوب
عليكي تعيشي وحيدة ومنبوذة من الناس .
فتسألها مها بخوف شديد :كل
ده ليه ,أنا عملت ايه
فترد عليها المرأة بقسوة
: لعنتك ورثتيها من أبوكي الذنب ذنبه والجريمة جريمته ولازم تدفعي الثمن ,انتي
ورثتي اللعنة عن أبوكي.
استيقظت مها تصرخ بخوف
وفزع لتفاجأ بنفسها في مكان غريب وأمامها أحمد ينظر اليها باستغراب .
هاربة من الناس-الجزء الأول
...................................................................
أنا فين وأنت مين
بخوف واستغراب تفوهت مها
بهذه الكلمة وهو تنظر الي أحمد بخوف وتدير عينها في المكان حولها باستغراب
فيرد عليها احمد :
المفروض انا اللي أسألك أنتي مين وليه حاولتي تموتي نفسك
ثم استكمل قائلا : واضح
من شكلك ولبسك انك متعلمة وملابسك تدل علي تدينك , ليه حاولتي تنتحري
فلم ترد عليه مها انما نهضت
بضعف محاولة الذهاب فيعترض أحمد طريقها ليمنعها من الانصراف فتبعد نفسها عنه
وتمنعه من لمسها قائلة بحدة ولهجة تحذير واضحة : اياك تحاول لمسي
فيرد احمد باسلوب مهذب :
آسف مش قصدي ,لكن مينفعش تمشي بحالتك ده وكمان انا مضمنش انك ممكن تحاولي تنتحري
مرة تانية
ثم أكمل أحمد بعد فترة
صمت قصيرة : واجبي أمنعك من الذهاب
فنظرت اليه بغضب قائلة :يعني
ايه ,انت حابسني ,لازم أخرج مينفعش أكون معاك في مكان واحد, كده حرام شرعا .
فنظر اليها أحمد بسخرية
قائلا وهو يبتسم : يعني كونك معايا في مكان واحد حرام شرعا ومحاولة الانتحار مش
حرام
فلم ترد عليه متجاهلة
سخريته و أسرعت الي باب الشاليه فوجدته
مغلق بأحكام فنظرت اليه بغضب أكبر : افتح الباب لازم أخرج
فلم يرد عليها ووقف يتأملها
في هدوء جعلها تذداد غضبا قائلة : هنصرخ وأقول انك خاطفني.
أحمد : المكان منعزل
ومهما صرختي مفيش حد هيسمعك
مها بشك وخوف : انت عاوز
مني ايه
أحمد بهدوء :مش عاوز منك
حاجة , انت ضيفة عندي لحين تستردي صحتك وأتأكد انك مش هتحاولي تنتحري تاني .
وأكمل بسرعة قبل أن
تعترض : هتكوني في غرفة بفردك معزولة تماما عن باقي الشاليه ومفتاحها من الداخل
معاكي علشان تكوني مطمنة والغرفة ليها حمام منفصل
وقبل أن تعترض أسرع أحمد
بفتح غرفة بعيدة ومعزولة عن باقي الشاليه
وقدم لها المفتاح قائلا : اتفضلي
فأخذت مها منه المفتاح
بحدة وأسرعت الي الغرفة لتغلقها خلفها باحكام .
الهروب أسهل الحلول ولكنه ليس حلا
........................................................................................
جلست مها بغرفتها في
الشاليه حائرة وهي تتذكر حياتها الماضية وما عانته فيها .
تفتحت عينا مها علي
الحياة لتجد نفسها يتيمة الأب وعندما بلغت الخامسة من عمرها ماتت أمها في حادث
مأساوي وغريب في نفس الوقت .
كانت مها مع أمها في
غرفة المعيشة وفجأة أشتمت الأم رائحة غاز من المطبخ فأسرعت الأم الي المطبخ لغلق
مصدر الغاز لتفاجأ بالنيران وقد أشتعلت في المطبخ ومنه الي باقي الشقة ليتم انقاذ
مها بأعجوبة ولكن الأم تموت لتترك مها وحيدة لتبدء معاناتها .
فبعد أسبوع من الحادثة
وبعد توقيع خالة مها علي أوراق استلامها من المستشفي وأثناء سيرها بالسيارة ومها
جوارها فوجئت بتلف الفرامل ومها جوارها لينتج عن الحادث الأليم موت الخالة ونجاة
مها بأعجوبة حاملة معها اتهام من جميع أفراد العائلة بأنها شؤم ونحس علي كل من
حولها
فأصبح الجميع يتجنبها فأمضت أيامها بين بيوت
الأعمام والأخوال وكلما حدثت كارثة لأحدهم يلقي بها للآخر لتمضي بها الحياة علي
هذا الحال السيء الذي جعل اليقين يملاء قلبها
بأنها نحس وشؤم علي كل من حولها خاصتا مع الحوادث التي كانت تحدث لزميلاتها
في المدرسة اللاتي كن يحاولن التقرب منها أو مصاحبتها اما تحدث له حادثة أليمة أو
كارثة حتي ابتعد الجميع عنها لتنشأ الفتاة منعزلة يتحاشاها الجميع خوفا من نحسها.
عندما أتمت مها من
العمرعشرين سنة عرفت سبب كل هذه المعاناة
فقررت التخلص من حياتها بعد أن يأست من القضاء علي هذه اللعنة التي تلازمها منذ
موت أبوها .
انتبهت مها علي صوت دقات خفيفة علي الباب لتفاجأ
بالدموع تملاء وجهها مع صوت أحمد الهاديء قائلا : الأكل جاهز افتحي الباب من فضلك
مها : أنا مش جعانة
أحمد بنفاذ صبر :
لازم تاكلي وعلي العموم الأكل علي باب
الغرفة افتحي وخذيه وتناوليه في أي وقت
وانصرف بهدوء متحاشيا اي
كلمة أخري منها.
...............................................................
الهروب أسهل الحلول ولكنه ليس حلا
جلس أحمد كعادته وقت
الغروب أمام الشاطيء متأملا الأمواج أمامه وهي تتكسر علي الصخور الصلبة .
رغما عنه وجد تفكيره
يتجه الي مها وسبب محاولتها الانتحار وكيف لفتاة صغيرة في مثل سنها وبهذا الجمال
الذي يجذب اليه اي أحد ان تقدم علي الانتحار .
ودن أن يدري وجد تفكيره
يتجه للاتجاه الخاطيء أنها اخطأت مع أحد الشباب وعندما لم تستطع حل مشكلتها فكرت
في الانتحار خوفا من الفضيحة او عقاب الأهل ولكنه صرف هذه الفكرة سريعا عن عقله
مؤنبا نفسه ومستعيذا بالله من الشيطان فكيف لفتاة ترفض الجلوس معه في مكان واحد أو
حتي محاولة لمسه لها أن تفعل فاحشة كهذه خاصتا وأن ملابسها تدل علي تدينها
والتزامها الديني .
تعجب أحمد من تفكيره
الزائد في مها وانشغاله بها وهو الذي كان يرفض الدخول في أي علاقة طوال فترة
دراسته الجامعية برغم ما يملكه من وسامة ومال وأسرة كبيرة معروفة في أوساط المجتمع
.
ابتسم أحمد رغما عنه وهو
يتذكر عنادها واصرارها علي عدم الجلوس معه في نفس المكان وأحس بشيء يجذبه اليها
ويجعله يطيل التفكير فيها لينتبه لصوت
صرخة قوية يملاءها الفزع والخوف تأتي من غرفة مها فيسرع اليها ليجد في انتظاره
مفاجأة غريبة يقف أمامها في خوف وحيرة و لم يجد لها أي تفسير .
...........................................
هاربة من الناس-الجزء الأول
انطلق احمد يجري الي غرفة مها ليفاجأ بدخان كثيف
يخرج من أسفل الباب كأن هناك حريق شديد داخل الغرفة فاستجمع أحمد شجاعته وكسر باب
الغرفة ليفاجأ بالغرفة سليمة تماما وليس بها أي أثر للحريق ومها تجلس علي الأرض
تبكي بخوف وفزع شديد وهي تنظر بخوف تجاه الباب .
وقف أحمد يتأمل الغرفة
بدهشة كبيرة قائلا : ايه اللي حصل
تكلمت مها كلمات غير مفهومة
وجسدها يرتعش بشدة فحاول أحمد طمأنتها بوضع يده علي كتفها فابتعدت عنه بسرعة
متجنبة لمسته .
فابتعد احمد عنها وهو
يعتذر قائلا : آسف مش قصدي لكن عاوز أعرف ايه اللي حصل بالضبط
مها بكلمات مضطربة وخوف
شديد : ظل أسود ظهر امامي بالغرفة وحذرني انك هتحصل ليك مصيبة لو مبعدتش عنك
ثم نهضت مها متجهة الي
باب الشاليه قائلة ببكاء : لازم امشي انت ملكش ذنب
فوجئت مها بأحمد يجذبها
بقسوة من يدها وهو يتكلم بصوت هادر : مها من حقي أعرف ايه الموضوع ولازم تقعدي
وتفهميني
مها بحدة : انت مش من
حقك جذب ذراعي أو لمسي
ولكن أمام نظرة
أحمد الصارمة جلست مها منكمشة علي نفسها
وبدئت تحكي لأحمد سر مشكلتها
................................................
الهاربة – صلاح زكي
والد مها في شبابه كان
عنده شغف وفضول للتعرف علي ما هو غريب ومجهول وحاول اختراق هذا الحاجز الفاصل بين
عالم الانس والجن
مصادفة وأثناء قراءته
لأحد الكتب التي تخوض في هذا الموضوع وجد داخل هذا الكتاب كلام غريب يتكلم عن احد
مردة الجن تم سجنه في عمق البحر عن طريق ملك من ملوك الجن لمخالفته قوانين عالم
الجن وهناك طريقة واحدة لاطلاق سراح هذا المارد .
والمكافأة كبيرة لمن يقوم
بهذه المهمة ويفك أسر هذا الجني وبالفعل نفذ والد مها المهمة وحصل علي المكافأة
ولكن الثمن كان باهظ جدا لم يدرك والد مها مدي فداحته الا بعد فوات الأوان .
نظر احمد لمها كمن ينظر
لفتاة مجنونة أو امرأة تعاني من اضطراب عقلي ولكنه لم يظهر لها عدم اقتناعه بما تقول
وسألها : وبعد كده حصل ايه.
مها بعد تردد : طريقة فك
قيود الجني بتقديم قربان بشري يكتب بدمه تعويذة معينة بها تنحل القيود من علي
الجني ويفتح باب سجنه.
فنظر لها أحمد بعدم
تصديق فأكملت بانفعال كأنها لم تلاحظ نظرته: للأسف والدي غفر الله له قام باستدراج
أحد أطفال الشوارع لضمان عدم وجود أهل يبحثوا عنه وقتله ونفذ المطلوب تماما كما في
الكتاب وبالفعل تم فك أسر الجني ولكن الأمر لم ينتهي عند ذلك
وسكتت مها فاستحثها احمد
لتكمل كلامها فأكملت قائلة : أخبر الجني أبي بأنه لكي يبقي الجن حرا لابد من اعادة
هذه التعويذة مرة كل عام في نفس اليوم تماما وعندما رفض أبي تنفيذ هذا الأمر أحرقه
الجني عقابا له ولكنه ألقي لعنة علي كل من
هو من نسل أبي وكنت أنا الابنة الوحيدة لأبي فحملت طوال عمري هذه اللعنة .
نظر احمد لها بعدم تصديق
كأنه يشاهد احد أفلام الرعب الهزلية أو يقرأ رواية من روايات الرعب التي انتشرت
هذه الأيام بين أوساط الشباب ثم قال لها : ما فهمته منك أنه بموت أبوكي الجني رجع
لسجنه تاني وانتهي الأمر مشكلتك حاليا ايه.
مها بخوف شديد : أحد
أتباع الجني ظهرلي اليوم وهو ما شاهدته أنت كدخان عند باب الغرفة وطلب مني أكمل ما
بدئه أبي لأني من نسله .
احمد بذهول : تقصدي انك
تقتلي انسان بريء.
فانفجرت مها ببكاء شديد
ولم ترد عليه .
لمتابعة باقي القصة علي الرابط التالي
تعليقات
إرسال تعليق