القائمة الرئيسية

الصفحات

 

حب في الباطنية – الفصل الثالث


حب في الباطنية – صلاح زكي

تجلس أ م سحر مع نفسها تتذكر ماضي قديم وفترة قديمة من حياتها تحاول دائما أن تنساها أو تتناساها ولكنها تتذكرها دائما رغما عنها .

 فعندما كانت طفلة صغيرة وهي في المدرسة كانت تذهب كل يوم الي المدرسة وهي سعيدة وتعود وكلها أمل أن تكمل تعليمها حتي جاء يوم حزين وهي في الحادية عشرة من عمرها لتجد والدها ينادي عليها ويخبرها أن احد رجال الحي يريد أن يتزوجها فتتفاجأ البنت الصغيرة بذلك فهي لا تعرف في الأساس معني كلمة زواج أو تحمل مسؤولية بيت و أسرة ويخبرها والدها أنه وعد الرجل بالخطوبة والموضوع منتهي ومن الغد ستترك المدرسة ولن تذهب اليها مرة أخري لكي تستعد للزواج .

تتذكر أم سحر هذا اليوم الكئيب من حياتها بل هي تعتبره أسوء يوم في حياتها وتتذكر كم البكاء الذي بكته في هذا اليوم لحسرتها  علي فراق مدرستها التي كانت تحبها كثيرا وتسرح بفكرها الي يوم الزواج وهي البنت الصغيرة التي لم تتجاوز الثلاثة عشرة عاما تفاجأ بنفسها في يوم عرسها مع رجل ضخم في غرفة مغلقة عليهم هذا الرجل يقف وهو ينظر لها نظرة وحشية كلها شهوة وشهوانية وتراه يخرج من جيبه شيء يمضغه ثم يجهز سيجارة يضع فيها مادة مخدرة وهو ينظر لها نظرة مازالت تتذكرها حتي هذا اليوم لتفاجأ به ينقض عليها بمنتهي الوحشية والقسوة وهي تتألم بشدة وتحاول البعد عنه بجسدها الضئيل أمام جسده الضخم ولكنها لا تستطيع مقاومته لتجد نفسها بعد تسعة أشهر بالتمام والكمال أم لطفل نتيجة لهذه الليلة التي هي أشبه ما تكون بالأغتصاب منها بليلة العمر كحد تعبير أهلها عن هذه الليلة .

حب في الباطنية – صلاح زكي

تنتبه أم سحر لنفسها عند هذه المرحلة فتقول لنفسها بأسي : مستحيل يحصل مع سحر اللي حصل معايا لازم تكمل تعليمها وتتجوز من انسان محترم يحافظ  عليها ويراعيها .

ورغما عنها تجد صورة أحمد تملاء تفكيرها وتفكر فيه بجدية فتبتسم رغما عنها وتقول : ربنا يجعله من نصيبك يا بنتي .

                            ........................................................

حب في الباطنية – صلاح زكي

نشأ سالم هو الآخر وفي قلبه حب بدء صغيرا ثم كبر مع الوقت تجاه واحدة من اجمل فتيات الباطنية ولكنها بقدر تمتعها بقدر كبير من الجمال كانت تتمتع بقدر اكبر من الخبث والدهاء فبدئت العلاقة  بين سالم وجارتهم وداد التي تجاورهم في نفس الحي مثل أي علاقة بين شاب وفتاة في مثل عمرهم تبدء باللعب في الشارع وهم أطفال صغار وعند بلوغ مرحلة الشباب أو المراهقة يتطور الأمر الي نوع من الألفة ثم الحب

وهكذا يتقدم سالم لخطبة وداد من أهلها وتتم الموافقة علي الخطوبة ولكن وداد في داخلها طموح أكبر بكثير من سالم وترغب في حياة مختلفة عن الحياة التي يوعدها بها سالم .

ففي احدي الجلسات التي تجمع سالم بوداد يحكي سالم عن معلمه سليم وحلمه وطموحه أن يكون بديل له في يوم من الأيام فتتلقف أذن وداد الكلام عن المعلم سليم وسطوة ونفوذ المعلم سليم وأهم من ذلك ثروة المعلم سليم فبدئت تنسج خطتها بناء علي ذلك يساورها الحلم بالقصر أو الفيلا الفاخرة التي يعيش فيها المعلم سليم تاركتا سالم في أحلامه وخيالاته.

 

                           .......................................................

حب في الباطنية – صلاح زكي

بعد ثلاثة أعوام من هذا الموقف والحديث الذي دار بينها وبين أحمد في شقتهم وبين سالم

يقف أحمد علي محطة الأتوبيس القريبة من حي الباطنية مع سحر يقول لها :  مبروك يا سحر ده اول يوم ليكي في الكلية وكان لازم اقابلك علشان اباركلك علي دخولك الكلية

سحر : ربنا يبارك فيك الحمد لله ربنا حقق حلمي ودخلت كلية التربية زي ما كنت عاوزه وأنت ألف مبروك عرفت انك اتخرجت من كلية الهندسة بتقدير كويس .

فيرد أحمد : ربنا يبارك فيكي كنت خايف اني مشفكيش النهاردة .

أول يوم ليكي في الكلية كان لازم أقابلك .

دعواتك ليه يا سحر اني اشتغل لأنه واضح ان الأمر صعب واي شغل محتاج واسطة ومعارف وحاجات كتيرة أنا مش قدها.

سحر : متخفش رزقك هايجيلك يحد عندك كل ما عليك تجتهد وتسعي وان شاء الله ربنا مش هيخيب ظنك ابدا

يرد عليها أحمد بامتنان : شكرا يا سحر انتي دايما بشجعيني وتمديني بالأمل وكعادته يطيل النظر لوجهها فتلاحظ سحر ذلك ولا تتكلم .

فيودعها احمد لأن الأتوبيس وصل وينتظر حتي تركبه وينصرف بها الي الكلية .

                      ...............................................................................................

حب في الباطنية – صلاح زكي

يستمر هذا الحال بين أحمد وسحر مجرد مقابلة صدفة أثناء ذهاب سحر أو رجوعها من الكلية وفي الحقيقة هذه المقابلات لم تكن صدفة كان أحمد يتعمد أن يقابل سحر أثناء ذهابها الي الكلية وعودتها  ومع الوقت بدء يذداد الحب بينهم وكلا منهم يكتم مشاعره عن الآخر أو يخاف أن يصارح بها الآخر  ولكلا منهم أسبابه فأحمد منذ صغره يحسب كل خطوة قبل أن يخطوها ويخطط لكل مرحلة هو مقبل عليها فكان رأيه  أنه قبل أن يحصل علي عمل مناسب لا يصح أن يرتبط بأي فتاة  وكان دائما يقول لنفسه : لازم احط رجلي علي أرض صلبة قبل ما افكر اني ارتبط بأي واحدة علشان مظلمهاش معايا .

وكذلك سحر بسبب طبعها الخجول كانت تكتم  اي مشاعر داخلها تجاه أحمد وان كانت تلاحظ دائما اهتمامه بها واطالة النظر اليها

وفي احد الأيام يتصل احمد بسحر أثناء تواجدها في الكلية : الو يا سحر انتي في الكلية النهاردة  عاوز اقابلك علشان حاجة مهمة عاوزك فيها

فترد سحر بتوتر : خير ان شاء الله قلقتني يا احمد

أحمد : متقلقيش ان شاء الله خير لما أقابلك هتعرفي كل حاجة  موعدنا بعد ساعة في الكافيتريا أمام كليتك .

في الموعد المحدد تجلس سحر أمام أحمد فتسارع هي بالكلام : قلقتني يا احمد خير

فيرد احمد : مفيش حاجة حبيت بس اسلم عليكي قبل سفري فتنظر اليه سحر بحزن قائلة : مسافر .... فين

أحمد : الحمد لله اشتغلت في شركة كبيرة بالأسكندرية وبكرة ان شاء الله أول يوم أستلم فيه الشغل .

فترد سحر بسرور : ألف مبروك يعني مسافر النهاردة بالليل  .

ثم تكمل بخجل : خلي بالك من نفسك

فيبتسم لها احمد ويقول : ان شاء الله كل أسبوع في الأجازة هرجع خميس وجمعة علشان اقابلك

فلا ترد سحر من الخجل وتنظر الي الأرض كعادتها .

 فيكمل أحمد الكلام : سحر فيه حاجة مهمة عاوز اعرفهالك قبل سفري أنا كان نفسي من زمان اصارحك واعترفلك بحاجة بس ظروفي كانت متسمحش بكده بس الآن اقدر اقولك اني بحبك وعاوز أخطبك

 فتنظر اليه سحر بدهشة وخجل كبير ولا ترد فيستكمل كلامه : قبل كده كنت لسه طالب وخصوصا بعد وفاة امي وأبي كان صعب اني افكر في الجواز بس حاليا بعد حصولي علي شغل اجد عندي الشجاعة اني اقدر اتقدملك وأطلب ايدك من أخوكي سالم .

ان شاء الله بعد نهاية امتحاناتك أكون ثبت نفسي في شغلي الجديد وانتي خلصتي امتحاناتك اقدر أطلب ايدك من أخوكي رأيك ايه

من شدة الفرح والدهشة والخجل لم ترد سحر علي احمد ونظرت الي الأرض وسط ابتسامة هادئة منها .

أحمد : اقدر اقول السكوت علامة الرضا .

فتبتسم سحر ولا ترد .

تابعونا في الجزاء القادمة

 

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق