مودة ورحمة
المسامحة بين الزوجين والتماس الأعذار
قبل البدء في هذا الموضوع أحب أن أوجه سؤال للزوج
والزوجة معا : خلال عمر اي منكم منذ مولده حتي هذه اللحظة هل قابلت في حياتك احد
لا يخطئ ؟
لو كانت الاجابة نعم فاحب أن تخبرني باسم هذا الشخص الذي
لا يخطيء حتي أصاحبه طوال عمري ولا أتركه ابدا .
طرق التسامح بين الزوجين
يقول النبي صلي الله عليه وسلم ( كل ابن آدم خطاء وخير
الخطائين التوابون )
كلنا يخطيء وكلنا أصحاب زلات وأخطاء وليس مطلوب من الزوج
أو الزوجة تعليق حبل المشنقة علي باب المنزل أو في غرفة المعيشة حتي اذا ما أخطأ
اي منهم يكون العقاب حاضر.
في العموم المعاملة بين الناس تبني علي وصية النبي صلي
الله عليه وسلم ( التمس لأخيك عذرا فان لم تجد له عذر فقل لعل له عذرا ) فكيف تكون
المعاملة بين الزوجين التي وصفها الله عز وجل بأنها آية من آياته ( وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ)
أخي الزوج التمس لزوجتك العذر عندما تخطيء.
أختي الزوجة التمسي لزوجك العذر عندما يخطيء
فيما بينكم وبين الناس أيضا التمسوا الأعذار ولا يكو.ن
الواحد منكم جلادا للآخر فاذا أخطأ الزوج تمرر الزوجة الخطأ بسهولة ويسر وتقول
ربما نسي أو هفوة ربما بدون قصد ربما ضغوط العمل لعله مريض وكذلك اذا أخطأت الزوجة
في شيء يبرر الزوج خطأها لعلها متعبة من أعباء المنزل والمذاكرة للأولاد لعل
مسؤوليات البيت كثيرة لعلها مجهدة ربما فعلت ما فعلت بدون قصد فهكذا تستقيم الحياة
ونصل بمركب الأسرة الي بر الأمان.
مودة ورحمة
كذلك يصارح كلا منهم الآخر بما يجده في شريكه من أخطاء
وبأسلوب هاديء بدون تجريح أو همز ولمز .
فلو أن الرجل يجد من زوجته ما يسيئه منها أو تجد الزوجة
من زوجها ما يسيئه منه يكون بينهم ما يشبه جلسة مصارحة كل واحد منهم يصارح الآخر
بما يجده في نفسه فيعرف الزوج خطأه ولا يكرره وتعرف الزوجة خطأها ولا تكرره.
ولكن تخيل عند أول خطأ من الزوج أو الزوجة يثور الزوج أو
تثور الزوجة وتنشب بينهم معركة توجه فيها التهم وكل واحد يدافع عن نفسه وكأنه متهم
في ساحة محكمة وأكثر من ذلك لو تم ادخال طرف ثالث ليحكم بينهم والله أعلم بنية هذا
الطرف الثالث هل يريد الاصلاح أم له مآرب وأغراض أخري لا يعلمها الا الله .
مودة ورحمة
أبسط من ذلك لو سامح الزوج زوجته في خطأها والتمست الزوجة العذر لزوجها في خطأه .
اليكم هذه القصة سمعتها في أحد المحاضرات وهي غير واقعية
لم تحدث ولكن نأخذ منها العبرة ( برغم ما بها من أخطاء شرعية سنبينها )
كان هناك رجل وزوجته دائمي الشجار والعراك وبجوارهم
زوجين في البيت الذي يجاورهم بينهم ألفة ومودة حتي اذا مل الزوجين دائمي الشجار
والمشاكل قالت الزوجة لزوجها لقد مللت من المشاكل اذهب وانظر في حال جيراننا ماذا
يفعلون حتي تصفي لهم الحياة لعلنا نصبح مثلهم .
فذهب الرجل وتلصص علي الزوجين فوجد الرجل عائد من عمله
والزوجة تنظف البيت فدخل الرجل البيت وبدون قصد تعثر في اناء الماء الذي تنظف به
الزوجة البيت فسقط واتسخت ملابسه وكذلك سقط الماء غير النظيف فأفسد ما نظفته
الزوجة .
فأسرعت المرأة تعتذر لزوجها أنها نسيت اناء الماء دون ان
تذهب به لمكانه وأسرع الزوج يعتذر لزوجته علي أنه أفسد لها ما نظفته .
طريقة مجربة للتصالح بين الزوجين
فعاد الرجل الآخر الي زوجته فقالت له بترقب : هل علمت
سبب سعادتهم ؟
فقال لها بحسرة: نعم انهم مخطئون دائما ونحن محقون دائما
.
أي كل واحد منهم يرجع الخطأ علي نفسه ويعترف بالخطأ ولا يصر أو يكابر ويعاند أما نحن فكل واحد منا يري أنه محق ولا يخطئ
هذه القصة كما ذكرت ليست حقيقية كما ان بها اخطاء شرعية
فلا يجوز التجسس علي أحد أو التطلع الي عورات الناس ( وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )
ولكن العبرة منها أن سبب سعادة الزوجين اذا حدثت بينهم
مشكلة كل واحد منهم يرجع الخطأ لنفسه ويلتمس العذر للآخر فهذا الرجل ارجع الخطأ
عليه أنه لم يلاحظ الاناء وأتلف لزوجته ما نظفته واعتذر لها وهي كذلك ارجعت الخطأ
علي نفسها أنها لم تهتم بازالت الاناء من مكانه ووضعه في المكان الصحيح فتسببت في
سقوط زوجها .
اما الزوجين الآخرين فكل منهم يلوم الآخر علي كل خطأ ولا
يلتمس اي منهم الأعذار للآخر بل ربما يكون الخطأ فرصة لتصفية حسابات قديمة والنبش
في الدفاتر القديمة .
فالسعادة الزوجية تكون بالتسامح والتراحم والتماس
الأعذار وعدم الوقوف علي الأخطاء.
ملحوظة : ليس معني ذلك عدم تنبيه الطرف الآخر علي خطأه
بل لابد أن يكون هناك تنبيه للخطأ وتدارك لهذا الخطأ حتي لا يتكرر ولا مانع من
العقاب البسيط بشرط أن يكون هدف العقاب التعريف بالخطأ وعدم تكراره وليس الانتقام
أو التشفي.
مودة ورحمة
اذا أعجبك هذا الموضوع نكمل باقي المقالات في هذه
السلسلة ان شاء الله
الله ينور ...استمر
ردحذف